الفرق بين الغبطة المحمودة والحسد المذموم
ذكرت عند قولك عن الغبطة أنها ميدانٌ للتنافس فكيف يكون ذلك ؟
الإجابة
نعـم . يكون ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا حسد -أي لا غبطة- إلا في اثنتين رجلٌ أتاه الله القرآن ، ورجل أتاه الله مالاً ينفقه آناء الليل، وأطراف النهار ). كذلك أيضًا كون الإنسان يغبط الآخرين على الخيرات هذا ميدان التنافس فمثلا: إذا رأيت طالب علم ما تتمنى زوال العلم الذي وهبه الله له وإنما تقول سبحان الله فلان ما شاء الله صار طالب علم؛ يا ليتني كنت مثله فتسعى أنت لتكون طالب علم.
فلان حافظ للقرآن تأتي وتقول سبحان الله فلان كان زميلي أنعم الله عليه بحفظ القرآن ما شاء الله فتأتي فتقول : لا ، لا بد أن أكون أنا مثله فتنافسه؛ بل تقول أنا أكون إن شاء الله أحسن منه حفظًا وأحسن منه علمًا ..إلخ . وكذلك أيضًا الصدقات . وكذلك أيضًا الدعوة إلى الله ، وكذلك أيضًا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر أبواب واسعة هي مجال للتنافس في الخير. يتنافس فيها العباد ويتسابقون وهذه كانت حالة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . بل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه كان يقول ما اتجهت إلى خيرٍ أعمله إلا وقد ووجدت أبا بكرٍ قد سبقني . تنافس في الخير . ولما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة في سبيل الله في يوم من الأيام أراد عمر هذه المرة أن ينافس أبا بكر فأتى بنصف ماله . أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذه المرة لابد أن أكون أسبق من أبي بكر في هذه الخيرية يقول فلما أعطيته نصف مالي وجدت أبا بكر قد أتى بماله كله . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ماذا تركت لأولادك؟ قال تركت لهم الله ورسوله .
أبو بكر كان يسابق إلى الخيرات حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام كان جالسًا مع أصحابه فقال للصحابة الجالسين : (من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ فقام أبو بكر فقط فقال: أنا يا رسول الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من عاد منكم اليوم مريضًا؟ فسكت وقام أبو بكر فقال أنا . قال من تبع منكم اليوم جنازة ؟ فسكتوا وقام أبو بكر فقال : أنا يا رسول الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما اجتمعت هذه في يوم لعبد إلا أدخله الله الجنة ). مسابقة إلى الخيرات . وهذه كانت حالة الصالحين بعد الصحابة رضي الله عنهم .
الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود